أكد تقرير صادر عن الإدارة المدنية الإسرائيلية " أن أكثر من ثلث المستوطنات في الضفة الغربية،والتي يسكنها عشرات آلاف المستوطنين،مقامة منذ عشرات السنوات على أراض فلسطينية خاصة كانت قد سيطرت عليها قوات الاحتلال بموجب أوامر عسكرية مؤقتة بذريعة "احتياجات أمنية".ويأتي ضمن هذه المستوطنات "أرئيل" و"كريات أرباع" و"أفرات".
وقالت صحيفة هآرتس التي نشرت الخبر أن التقارير الإسرائيلية اقتبست " أن القانون الدولي يسمح باحتجاز أراض بشكل مؤقت في منطقة محتلة فقط إذا كان هناك حاجة عسكرية لذلك. وقد أقيم جزء كبير من المستوطنات بهذا الطريقة خلافا لقرارات الحكومة الإسرائيلية نفسها في العام 1979، والذي منع استخدام أراضي فلسطينية خاصة لإقامة المستوطنات.
وادعى مصدر قضائي إسرائيلي لصحيفة "هآرتس" أنه بعد أن تبين أن مستوطنات كثيرة قد أقيمت بهذه الطريقة فإن الأجهزة الأمنية ستجد صعوبة في إثبات "الحاجة الأمنية" التي تشرعن استمرار قيامها ومنع إعادة الأرض إلى أصحابها.
وكانت الأجهزة الأمنية ترفض حتى الآن نشر مثل هذه المعلومات. وكانت وزارة الأمن قد أبلغت المحكمة، قبل شهر، أن نشر مثل هذه المعلومات من الممكن أن يمس بأمن الدولة وعلاقاتها الخارجية. وكانت منظمة "سلام الآن"، التي كشفت عن بعض هذه المعلومات، قد قالت إن هذا الأمر يثبت أن قسما كبيرا من المستوطنات ليس قانونيا بموجب القانون الإسرائيلي، وأن محاولة إخفاء هذه المعلومات عن الجمهور هو مس بالديمقراطية.
وبحسب القائمة التي تم إعدادها في تشرين الأول/ أوكتوبر 2006، فإن 44 مستوطنة في الضفة الغربية من بين120 مستوطنة، تقوم على أراض فلسطينية خاصة تم الاستيلاء عليها بموجب أوامر عسكرية. كما أكد مصدر أمني مطلع أن معظم الأراضي التي تقوم عليها المستوطنات هي أراض فلسطينية خاصة.
وتشمل القائمة عددا من المستوطنات الكبيرة في الضفة الغربية مثل "أرئيل" و"أفرات" و"كريات ارباع"، كما تشمل عددا من المستوطنات التي يعتبرها المستوطنون "عواصم أيديولوجية" مثل "عفرا" و"بيت إيل" و"بساغوت" و"كيدوميم" و"كارني شومرون" و"ألون موريه" و"شيلي". وتشمل أيضا عددا من مستوطنات الأغوار مثل "غيتيت" و"مخورا".
وجاء أنه حتى نهاية سنوات السبعين، فإن معظم المستوطنات قد أقيمت على أراضي تم الاستيلاء عليها بموجب أوامر عسكرية. إلا أنه في العام 1979 قررت المحكمة العليا إلغاء أوامر الاستيلاء التي صدرت للسيطرة على الأراضي الفلسطينية في قرية "رجيب" لإقامة مستوطنة "ألون موريه"، بعد أن لم تقتنع المحكمة بأن هناك حاجة أمنية لإقامة المستوطنة. وفي أعقاب قرار المحكمة المذكور قررت حكومة مناحيم بيغين، في حينه، أن "إقامة مستوطنات جديدة وتوسيع المستوطنات القائمة يتم فقط على أراضي هي بملكية الدولة"، بمعنى أنها ليست أراضي فلسطينية خاصة.
وبينما تم بشكل رسمي، منذ قرار الحكومة المذكور، وقف استخدام تلك الأوامر العسكرية، فإنه على أرض الواقع فإن 19 مستوطنة، من بين 44 مستوطنة تظهر في قائمة "الإدارة المدنية" قد أقيمت بعد العام 1979، أي بعد القرار الرسمي المذكور. وهذا ينطبق على حالة مستوطنة "أفرات"، المستوطنة الأكبر في الكتلة الاستيطانية "غوش عتسيون"، وكذلك مستوطنة "هار براخا" و"يتسهار".
كما جاء أنه قبل سنوات معدودة، تقرر في وزارة الأمن إقامة طاقم برئاسة باروخ شبيغل، لتركيز المعلومات بشأن طريقة إقامة المستوطنات ووضعها القضائي. وبعد الكشف عن وجود هذه المعلومات، توجهت عدة منظمات بينها "سلام الآن" و"يوجد قانون" و"الحركة لحرية المعلومات" بطلب الحصول على المعلومات، إلا أنه تم رفض جميع الطلبات. وقبل شهر قدم رئيس مكتب وزارة الأمن، مايك هرتسوغ، تصريحا إلى المحكمة في تل أبيب قال فيها إنه لا يمكن نشر المعلومات بذريعة الخشية من "المس بأمن الدولة وبعلاقاتها الخارجية".
ونقل عن المحامي ميخال سفراد، الذي يمثل سوية مع المحامي شلومي زخاريا،أصحاب حوانيت سيطر المستوطنون عليها، قولهم إن هذه المعطيات التي تم الكشف عنها تثبت أن عملية مصادرة الأراضي المنهجية التي تمت لإقامة المستوطنات، قد جرت من خلال استخدام غير قانون لما يسمى "الضرورة العسكرية"، وأن إخفاء المعلومات طوال هذه السنين يثبت أن السلطات كانت على علم بأنها تجري بشكل غير قانوني.